الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

ام يهودية تخنق ابنتيها

صحيفة بانوراما
10-12-2010

الاثنين، 13 ديسمبر 2010

القصّة الحقيقيّة للطرود التفجيريّة! حامد بن عبدالله العلي >>>أمريكا والإبادات الثقافية>>العقيدة السياسية الغربية

القصّة الحقيقيّة للطرود التفجيريّة!


حامد بن عبدالله العلي

( كان عملي هو إجبار الدول ، ورؤساء الدول ، والحكومات ، ورؤساء الحكومات ، على الرضوخ ، والقبول باتفاقيّات قروض مجحفة ، لا يمكن معها لتلك الدول _ إلاّ ربما بشقّ الأنفس _ سدادها ، والتخلُّص من ربقة الديون التي أثقلها بها ) .
في كتابه الخطيـر ، والمهمّ جـداً ، الذي انتشر في العالم منذ خمس سنوات ولايزال ، وتمـّت ترجمته إلى العربية ، وهو ممنوع في بعض الدول الخليجية ، والعربية ، وصف الخبير السابق في هيئة اقتصادية تابعة للمخابرات الأمريكية _ وهي شركة مين للهندسة والكهرباء ، والإنشاءات ، المتعاونة مع شركة بكتل التي تضمّ كبار المسؤولين في شركات نفطيّة ، وإنشائيّة ، وعسكريّة ، وفي الإدارة والكونغرس الأمريكيين _ وصف "جون بيركنز" في كتابـه :
كيف جنّدته ألـ (سي آي إيه ) سـرّاً ، فعمل معها مُتَستّـراً بشركة استشاريّة دوليّة ، فـزار أندونيسيا ، وكولومبيا ، وبنما ، والإكوادور ، والمملكة العربية السعودية ، وإيران ، وسواها من الدول التي تمتلك أهمية في الإستراتيجية الأميركية.
الكاتـب يقول إنـّه قـد ترك وظيفته بعد تفجيرات 11 أيلول 2001، ونذر نفسه لفضح هؤلاء القتلة الإقتصاديين العالميين ، فأصدر كتاباً بعنوان: " اعترافات قاتل اقتصادي" (Confessions of an Economic Hit Man)،
وقد نشرته شركة طباعة (بيريت كولر)، وأمـّا الإهـداء فقد أهـداه إلى كلِّ من الرئيس الأسبق للإكوادور خايمي رولدوس ، والرئيس الأسبق لباناما عمر تورِّيخوس، بعد أن ذكـر أنـَّه قـد دُبـر لكلِّ منهما حادث سقوط طائرة مفتعل ، فأعدمـا بسبب مقاومتها الشرسـة لأطماع وحوش الرأسمالية العالميـّة .
كما قـد بـيَّن في كتابه كيف تُركـِّع أمريكا الدول عن طريق إغراقها في الديون مركّبة الفوائد ، وكيف هـي تبتـزّ الدول ذات مصادر الطاقة التي لاتحتاج ديونا ، ممثــلاً لذلك ببعـض الدول الخليجية ، وكيف سرقت أمريكا تريليونات الدولارات بهذه الطريقة .
كما تجد في الكتـاب وصفه مذهـل لإستعمـال أمريكا الرشاوى ، و الجنس ، والجريمة ، والتهديدات ، والإنتخابات المزورة ، والتقارير المالية المزورة ، وكلِّ الوسائل القذرة ، لتصل إلى ذلك التركيع ، والإبتزاز .
ولا ينسى أن يضرب مثلا لنصب المستبدّين والمجرمين حكَّاما على الشعوب إن كان في ذلك تحقيقُ الأهداف الأمريكية ، مذكـِّرا بقيام الرئيس الأمريكي الأسبق روزفلت عام 1951 بتدميـر مشروع رئيس وزراء إيران الأسبق والمنتخب بإنتخابات نزيهة محمد مصدّق لتأميم نفط إيران ، والقضاء على مصدّق ، ووضع الشاه محمد رضا بهلوي امبراطورا ديكتاتورا دمويـّا على إيران .
ولايعدمك المجرم التائب وصفـاً تفصيـليّا لما كان أسلوبه ومؤسساته التي يعمـل معها ، في ارتكاب الجرائم ، ذاكـراً تمرحل أمريكا مع البلد الذي تريد تركيعه : أولا : إقناع البلد المستهدف بإقامة مشاريع تحت إشراف شركات أمريكية ، وثانيا : إقناعها بالإستدانة من بنوك أمريكية ، أو لها إرتباط بأمريكا ، وثالثا : يقوم الأمريكيون بتأمين تلك الديون للبلد ، ورابعا : دمج إقتصاد البلد المستهدف بالمصالح الأمريكية عندما تتفاقم الديون ، وأخيراً وضع البلاد أمام خيارين : الخضوع الطوعي التام لأمريكـا ، أو الإخضـاع بالقوة في حالة المقاومة : إما بإثارة المعارضين كما يفعلون بشافيز ، أو الإغتيالات كما هي حالة رئيس الإكوادور ، أو الإنقلاب كما في غواتيمالا ، أو الغزو كما في العراق !
ويعترف أيضا بأنَّ عملهم كان يتضمَّن عمليـات خداع للدول بأعراض ظاهرية لتسكين لآثار الفقر ، ثـم تلعب البنوك ، والشركات العالمية ، بتنسيق فيما بينها ، لنهب ثروات العالم الثالث ، وإغراقها بديون مهولة ، لوضعها تحت إشراف البنك الدولي ، وصندوق النقد الدولي ، الذين يتحكم فيهما الغرب بقيادة أمريكا.
ومن عجائب ما ذكره في إعترافاته أنه تم تجنيده للأعمال القذرة الإقتصادية التي تقوم بها وكالة الأمن القومي الأمريكي ، بالتنسيق مع ألـ سي آي إيه ، في أواخر الستينات عندما كان طالبـاً ، وأنـه تعرض خلال التجنيد لإختبارات قاسية جاءت بنتيجة أنـّه يصلح ليكون ( قاتلا إقتصاديا مميـَّزا ).
ويصف الكاتب كيف أنَّ الحكومة الأمريكية تسيطر عليها الشركات العملاقة لاسيما شركات النفط ، ومن الأمثلة وزير الدفاع الأمريكي الأسبق كنمارا كان رئيسا لشركة فورد ، ثم رئيسا للبنك الدولي ، وجورج شولتز ، وواينبرغر ، أصحاب الشركات الكبرى الذين تولـَّوا مناصب وزارية في الحكومة الأمريكية ، أما بوش الأب فصار رئيسـا.
وخلاصة الكتاب أن ( تحالف الشركات والإدارات الأمريكية ) ، هـو أشـد القتلة في تاريخ البشرية إجـراما ، وأنَّ هذا التحالف لم يفضل قـط على حكـم الدكتاتوريين أحداً ، ولو سحقوا شعوبهم ، لأنَّ بهم وحدهم يحقق أطماعـه الخبيثة .
وأنَّ الشركاء الرئيسين لهذا التحالف الخبيث هم : وزراء التخطيط في العالم الثالث ، ووكلاء البنك الدولي ، وممثلي وكالة الإنماء الأمريكية يو أس ايد .
هذا هـو الكتاب الأول الذي أنصح بقراءته لفهم ( العقيدة السياسية الغربية ) ، وبالتالي فهـم ما يجري في العالم بما فيه حكاية ( الطرود البريدية التفجيرية ) !
أما الكتاب الثاني ، فـهو كتاب " أمريكا والإبادات الثقافية " لمنير العكش ، وفيه يصف الإجرام الأمريكي في إبادة ثقافة الهنود الحمر ، ومحوها من الوجود ، فيتعرف القارىء على أنَّ نفس النهج تتبعه أمريكا مع حضارتنا تماما ، وهدفها هو الوصول إلى ذات الهدف الذي وصلت إليه مع ثقاقة الهنود الحمر ، وهـو الإبادة الشاملة .
ويكتمل هذا الكتاب بآخر مفيـد ، هو الذي أمضت الكاتبة البريطانية فرانسيس ستونو سوندرز أكثر من سنتين في جمع وثائقه في ستة صناديق : " سي آي آيه والحرب الباردة الثقافية " ، خلصت فيه إلى أن ألـ (سي آي إيه) نفسها ، قـد بذلت جهودا لاتوصف ، أنفقت عليها ميزانية هائلـة ، لكي تشتري الأنشطة الثقافية ، والإعلامية ، وحتـَّى مراكـز الفنون ، والآداب ، لوضعها في خدمة السياسة الأمريكية ، حتى صارت ألـ سي آي إيه كأنها راعية الفنون ، والآداب ، والثقافـة !!
وأمـّا الكتاب الثالث فهو كتاب تشومسكي " النظام العالمي القديم الجديد" ، حيث وضع المؤلف السياسة الأمريكية للسيطرة على الشعوب ، وضعها تحت مبضع التشريح إلى أدقِّ التفاصيل ، وكان فيه خبيرا عبقريا فـذّا ،
ودعني أنقل لكم مشهدا واحـدا من هذا الكتاب المليء بالوثائـق : ( تعتبر دول إفريقيا جنوب الصحراء من بين الدول النامية التي صارت مصدرا لتمويل الدول الثرية ، وهي دول ينهش فيها الفقر ، والبؤس ، بفضل السياسات الأمريكية الساعة إلى " الإشتباك البناء " ، وهي سياسات يعود إليها الفضل في إشعال حروب أهلية أدت إلى مقتل مليون ونصف إنسان في إفريقيا الجنوبية وحدها ، فضلا عن خسائر بـ 60 بليون دولار في دول الجنوب الإفريقي ، وإلى هذه الأرقام يمكننا أن نضيف نصف مليون طفل يلقون حتفهم كلَّ عام نتيجة عبء الديون على الدول التي يعيشون فيها ، على نحو ما تظهر تقارير منظمة اليونيسيف ، إضافة إلى 11 مليون طفل يموتون سنويا من أمراض يسهل علاجه ، وهو ما يمكن تسميته " إبادة جماعية خرساء " على حد تعبير هيروش نكاجيما المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ، الذي يشير إلى أن هذا الوضع يمثل " مأساة كان يمكن تداركها ، لأنه لدى العالم المتقدم الموارد والتقنيات التي بمقدورها إنهاء المرض على مستوى العالم " ، لكنه يفتقر إلى الإرادة لمساعدة الدول النامية ، ويبدو أن مصطلح " النامية " هنا بديل لطيف عن الدول المستعمرة من قبل الدول الثرية ) ص 193
والكتاب الرابع هو كتاب " سادة العالم الجدد " لجون زيغلر ، وهو أحسن كتاب يلقي الضوء على الدور الذي تلعبه أمريكا بكلِّ صندوق النقد ، والبنك الدوليين ، ومنظمة التجارة العالمية ، تحت شعار العولمة ، لتحقيق الهيمنة على العالم ، وأسواقه ، مما أدى إلى كوارث خارجة عن حدّ الوصف على شعوب العالم لاسيما الفقيرة ، ولهذا فقد أكثرت من الإستشهاد به في مقالات سابقة .
والكتاب الخامس هو " أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراؤها" ، لغريغ بالاست ، وفيه بيان تفصيلي بأنَّ أمريكا إنما تحرِّك السياسة ، والحروب ، كما تحرِّك ما يُسمَّى بـ(الديمقراطية) نفسها، نحـو هدف واحـد هو نهـب ثروات وأسواق العالـم ، وللنهب فقط ، ولو أبيدت الشعـوب.
ومن شأن هذه الكتب الخمسة أن تضع قارءها على (الخارطة السياسية الحقيقية للعالم) ، وتكشف الستر عن المشهد الحقيقي الذي يختلف وراء ديكورات ما يسمى بالمؤسسات السياسية الدولية ، وكراسيها الفاخرة ، وكاميرات الإعلام المخادعـة .
فإن كان القارىء مفكـراً سياسيا شريفا محبـَّا لأن تسود العدالة العالم _ مسلما كان أو غيـر مسلم _ علم أن لاخلاص للعالم إلاّ بتحطيم الهمينة الغربية بقيادة أمريكا ، وإزاحتها عن كونها في (مركز العالم ) ، ذلك المركـز الذي صنعته من نهب ثورات الشعوب ، وإبادتهـا ، وإمتصاص دمائها .
وإن كان عالماً شرعياً مسلماً علم أنّ أوَّل خطوة لفهم المعركة بين الإسلام ، وعدوِّه التقليدي التاريخي وهو الغرب الصليبي ، هو أن يُخرج ( الدروشة ) من أمِّ رأسه ، ويعرف من الذين يديـرون العالم بأشـدّ الوسائل إجرامـا وفسادا ، وكيف ، ولماذا يفعلون ذلك ؟
وأن ما يسمى بـ( المعاهدات ، والمواثيق الدولية السياسية ، ومؤسساتها ) ما هي إلاّ أدوات لتلك الإدارة الجائـرة ، ولهذا لايمكن أن يسمحـوا بإعادة صياغتها _ كما اقترح الزعيم القذافي في مؤتمر الأمم المتحـدة _ لتخرج عن كونها أدوات بيد الغرب ، لتصبح ميزانا حقيقيا للعدالة الدولية .
وأنَّ هؤلاء الذين يديرون العالـم _ ونقصد ساسة الإجرام الدولي _ يديـرونه بالجور ، والظلم ، والفساد ، والوحشية _ كما في الحديث تمُلأ ظلما وجوْرا _ وأنَّ من يصفهم بالعدالة ، هـو إمـّا جاهـل ، أو متزلف لمن اشتـروا ذمَّتـه ليقول ما يرضيهـم .
وحينئذ يكفُّ _ أعني العالم المسلم إذا قـرأ _ عن ترديد بلاهـة ( مشايخ البلاط والدروشـة ) عن الحاجـة إلى تجديد الفقه ليلائم ( متغيرات عصر المواثيق الدولية في ضوء الدولة القطرية ) ! ، ويتعلم أنَّ ( العقيدة السياسية الغربية الصهيوصليبية ) لم تُغيـِّر سوى أدواتها ، فالمعركة هي ذاتها ، والعقليـّة هي ذاتها ، والأهداف هي ذاتها ، والغاية النهائية هي إبادة الحضارة الإسلامية في مشروع هيمنة على العالم بأسره .
وأنَّ الغرب المتصهين لا ينظر أصلا إلى ما يُسمَّى بـ( الدول القطريـّة ) لاسيّما في المنطقة الجغرافية لحضارتنا ، إلاَّ على أنها مستعمرات _ تُوضع لها بين الفينة والأخرى صيغ سياسية وفق نظامه الدولي الذي يفصِّله على مقاس أطماعه _ لحضارته الصليبية المتحالفة مع الصهيونية .
كما سيفاجأ قارىء هذه الكتب بمدى إنتشار (السذاجة السياسية ) في العالم لاسيما في عالمنا العربي ، إلى درجة أنَّ شرائحَ منتشـرة _ لاسيما من ( شيوخ الدروشة ) _ لازالوا يصدّقـون فعـلا بأنَّ ( الإرهابيين ) ذوي الإمكانات المتواضعة الثائرين على الظلم العالمي بوسائل شبه بدائية ، هم الخطر الأعظـم على مستقبل البشرية ،
ولهذا يجب _ عندهم _ عدم إشغـال ( الحالة الإسلاميـة ) بصدِّ الهجمة الصهيوصليبية على أمتنا ، أو الخطـر على المقدَّسات على رأسها القـدس ، بل الإنهمـاك بتغييـر حتَّى مناهج التعليم في البلاد الإسلامية ! وإغـلاق مراكـز تحفيـظ القرآن ! لإنقاذ البشرية من هذا خطر (الإرهاب) الماحـق ، وإعادة ( الأمن الفكري ) إلى بنـي جميـع آدم المصطلين بنـاره التي لاترحــم !!
وكـم هي سذاجة بالغة حـدَّ إثارة الشفقة ، تلك التي تُجرف وراء خبر ( طرود بريدية تحمل متفجرات ) ، فتنسي ( فلـم ) مشاهـد ملايين الضحايا الذين ينزفـون بالدماء ، أو الجوع ، أو المرض ، أو الفقـر ، كلَّ يـوم ، بالعقيدة السياسية الغربية القائمة على عقليـّة الإبادة الجماعية ،
حتى لو كان الخبـر يُشاع ، في خضـم فضائح ( الويكيليكس ) التي وقعت كالصاعقة على الإدارة الأمريكية ، يُشاع ليريحها ولـو قليـلا من إزعـاج الفضائـح !!
والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعم النصيـر .

المصدر

اللهم فرج كربنا وكرب أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
http://www.alokab.com/forums/index.php?showtopic=54779

ويكيليكس تكشف حقيقة مبدأ وحضارة, مقال في صحيفة عالم اليوم الكويتية

شغلت تسريبات ويكيليكس العالم بكشفها لجرائم القتل والتعذيب والتدمير وغيرها من فظائع، قام بها الجيش الأميركي في العراق أو تستر عليها. ولكن بعيدا عن تفاصيل التسريبات وسياقاتها السياسية، أقول إن هذا الحدث الكبير "يؤكد" على حقيقة المبدأ الذي تقوم عليه الدولة الأميركية ويجسد الحضارة الغربية الرأسمالية بشكل عام.
فلا جدال في اعتبار أميركا رأس حربة المبدأ الرأسمالي في العصر الحديث، وهي التجلّي الواقعي والعملي للأفكار والأنظمة الرأسمالية الديمقراطية، وهي بلا شك محط أنظار العالم والنموذج والقدوة لمن أراد اللحاق بركب الحضارة الغربية. فيمكن اعتبار أميركا باختصار طليعة الحضارة الغربية الرأسمالية.
ومن جهة ثانية، فإن طبيعة الدول والأمم الرسالية – صاحبة الدعوة العالمية – أنها تنشئ جيوشا على أعلى مستوى من المهنية والأخلاق، بحيث تعكس العسكرية الصورة الناصعة للأفكار وتطبيقاتها، فتكون الجيوش طليعة الدولة المبدئية الرسالية.
لذا، فإنه بحق، يمكن اعتبار ما كشفه موقع ويكيليكس، صالحا للهجوم على طليعة الطليعة؛ طليعة المبدأ الرأسمالي، والطليعة في الدولة الرأسمالية النموذجية.

أما لماذا كلمة يؤكد التي جاءت بين هلالين في بداية المقال، فلأن فظائع الجيش الأميركي ليست بالشيء الجديد واقعيا وتاريخيا، ولأن الطبيعة المادية المتوحشة في المبدأ الرأسمالي الديمقراطي كذلك ليست غريبة على من ينظر لأصل المبدأ وتطبيقاته بشكل موضوعي. ولكن من استُلب ذهنه وقبل بالهزيمة الفكرية والنفسية، لا يمكن أن ينظر للأمر إلا أنه تطبيق سيئ لبعض العسكر وخروج بسيط عن النص، أو أن يبرر فيقول : حال أبو غريب وغوانتانامو لا يقارن أبدا بمعتقلات صدام حسين وأقرانه من طغاة العالم الثالث، فـ"نحن أحسن من غيرنا"!

على أية حال، عودة إلى طليعة الطليعة، فأقول لمن لا يعرف وأذكّر من نسي، أن أميركا نشأت على إبادة الملايين من الهنود الحمر، وسرقة ممتلكاتهم، وتحويل من بقي منهم إلى مشردين، محبطين، يعيشون في العالم السفلي للمدن الأميركية.
والحقيقة أن ثمة مراجع متعددة توثق ما جرى في تلك الحقبة المظلمة من حياة البشر، ومن ضمن ما أُلّف في هذا المجال كتاب " حق التضحية بالآخر- أميركا والإبادات الجماعية" لمؤلفه منير العكش، الذي نقل وثائق تثير الغثيان وشهادات يشيب لها شعر الولدان.
ومما يذكره المؤلف أن " وليم برادفورد حاكم مستعمرة بليموث يرى أن نشر هذه الأوبئة بين الهنود عمل يدخل السرور والبهجة على قلب الله" فمما يرضي الله ويفرحه أن تزور هؤلاء الهنود وأنت تحمل إليهم الأمراض والموت. هكذا يموت 950 من كل ألف منهم، وينتن بعضهم فوق الأرض دون أن يجد من يدفنه. إن على المؤمنين أن يشكروا الله على فضله ونعمته".
وفي عام 1780 "أصدر جورج واشنطن أوامره إلى الجنرال جون سوليفان بأن يحيل مساكن هنود الأوروكوا إلى خراب، وأن لا يصغي لنداء السلام حتى تمحى قراهم ومدنهم وآثارهم من وجه الأرض. وبعد أن نفذ الجنرال أوامر واشنطن كتب إليه يبشره بتحويل هذه " المنطقة الجميلة من حديقة بديعة إلى أطلال مهجورة تثير الرعب والمقت". وفي رسالة إلى جيمس دواين السناتور والموفق السابق للشؤون الهندية قال جورج واشنطن "إن طرد الهنود من أوطانهم بقوة السلاح لا يختلف عن طرد الوحوش المفترسة من غاباتها".
إن ما حصل حينئذ، هو إبادة لملايين من البشر ينتمون إلى أكثر من أربعمائة أمة وشعب في جريمة لم يعرف التاريخ الإنساني مثيلا لها.
والمثير حقا، أن ما حصل حينئذ كان في عصر التطبيق الأمثل والنموذجي للأفكار العلمانية الرأسمالية الديمقراطية الجديدة. فتلك كانت الدولة الأميركية الفتية، وأولئك كانوا "الآباء المؤسسين" للحضارة والأمة الجديدة! فأي حضارة وأية أمة هذه، يكون آباؤها مدمني جز رؤوس وناشري أوبئة!

هل توقفت الحضارة الغربية عن إنتاج هكذا مشاهد دموية؟ كلا!
فمما هو معلوم، أن تجارة الرقيق الأسود، واستعباد الناس بعد أن ولدتهم أمهاتهم أحرارا كانت شيمة أميركا الحرة صاحبة الحق والعدل، عندما ارتكبت أعظم جريمة إبادة وتهجير في تاريخ البشر، باصطياد الرقيق الأسود وأسرهم من سواحل أفريقيا خلال القرنين الثامن والتاسع عشر- قرون التنوير والاستنارة!- ثم شحنهم وقد هلك الملايين منهم في البحر، ليصلوا إلى العالم الجديد وقد عانوا من العذاب والجوع والقهر.
يقول الدكتور المسيري "لم يكن لدى الإنسان الغربي ما يميزه، ولكن كان عنده رؤية مادية لا ترى سوى الوظيفة الاستعمالية للأشياء، لذلك قام بعمليلات نهب تاريخية لم تحدث من قبل، وتولى إبادة الجنس الأحمر في أميركا الشمالية، كان عدد سكان المكسيك عندما وصل الإنسان الأبيض 30 مليونا، وفي عدة سنوات تناقص العدد ليصبح مليونا واحدا بسبب عمليات الإبادة الهائلة. وحدث الشيء نفسه للجنس الأسود حيث يقال إنه – أي الإنسان الأبيض- نقل عشرة ملايين لتسخيرهم عبيدا، أباد 9 ملايين !! كتاب " حوارات مع الدكتور عبد الوهاب المسيري: العلمانية والحداثة والعولمة".
أما في الحرب العالمية الثانية ففي معركة واحدة دمرت الطائرات الأميركية بالقذائف والنابالم الحارق في طلعة جوية واحدة 61 ميلا مربعا، وقتلت 100 ألف شخص في عمليات جحيم مستعر شمل طوكيو و46 مدينة يابانية أخرى.
ناهيك عن قنبلتي هيروشيما وناجازاكي التي حصدت اليابانيين، بلا تفريق بين مدني وعسكري، أو رجل وامرأة وطفل.
وينقل لنا منير العكش مرة أخرى من تفاصيل حرب فيتنام أنه "في عملية قتالية أشرفت عليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في فيتنام بين عام 1968 ومنتصف عام 1971، أُطلق عليها عملية العنقاء، كان برنامج العملية يقتضي تصفية كل من يشتبه بأنه من الفيتكونغ او يتعاطف معهم بمعدل 1800 فيتنامي شهريا على أقل تقدير. يروي بارتون أوسبورن أحد ضباط العملية في شهادة له أمام لجنة الكونغرس للشؤون العسكرية لعام 1973 صورة مما يجري أثناء التحقيق فيقول : " كنت أنظر في قضية مشتبه يقول أحد عملائي إنه متعاطف مع الفيتكونغ. وكان التحقيق يجري في مجمّع التجسس المضاد لفرق المارينز. وحين دخلت لمتابعة ما يجري كان الرجل فارق الحياة بعد أن دكّوا في فتحة أذنه سيخا حديديا طوله ست بوصات اخترق دماغه وقتله.. لقد كانت حرب إبادة منظمة".

أتوقف هنا قبل أن يشعر القارئ بالغثيان، ولكن هل ستتوقف الليبرالية الديمقراطية عن إنتاج وتصدير الشرور؟


صحيفة عالم اليوم الكويتية
2 نوفمبر 2010
http://www.alamalyawm.com/articledetail.aspx?artid=161601