عرّف العلماء السياسة بأنها (فن الممكنات أو فن الممكن)، ذلك من حيث أن كلمة ممكن تعني المعنى الحقيقيَّ لها وهي ما يقابل المستحيل والواجب، لأن السياسة ليست فنَّ المستحيل، بل هي فنُّ الممكن فقط، فالأفكار التي لا تتعلق بالممكنات أو على الأصح التي لا تتعلق بالوقائع الممكنة وبالواقع فإنها ليست سياسيةً، وإنما هي فروضٌ منطقية أو مجردُ خيالات أو تخيلات, فمتى تكون الأفكار أفكاراً سياسية أي حتى تكون الأفكار سياسيةً فلا بد أن تتعلق بالممكن، لذلك كانت السياسة فنَّ الممكن لا فن المستحيل.
وحتى يكون المرء سياسياً لا بد أن يكون لديه تجربةٌ سياسية، ولأجل أن تكون لديه التجربة السياسية لا بد أن تتوفر لديه ثلاثةُ أمور هامة:
إحداها: المعلومات السياسية.
الثاني: الدوام على معرفة الأخبار السياسية الجارية.
ثالثها: حسن الاختيار للأخبار السياسية.
1:- أما المعلومات السياسية فهي المعلومات التاريخية لا سيما حقائق التاريخ، ومعلومات عن الحوادث والتصريحات والأشخاص المتعلقة بهم من حيث الوجه السياسي سواء أكان خبراً أو عملاً أو قاعدة: عقيدة كانت أو حكماً، وبدون هذه المعلومات لا يستطيع المرء فهمَ الفكر السياسي مهما أوتي من ذكاء وعبقرية، لأن المسألةَ مسألةُ فَهْمٍ لا عقل.
2:- وأما معرفة الأخبار الجارية ولا سيما الأخبار السياسية، فلأنها معلومات ولأنها أخبار عن حوادث جارية، ولأنها هي محل الفهم ومحل البحث، لذلك لا بد من معرفتها، ولما كانت حوادث الحياة تتغير قطعاً وتتجدد وتختلف وتتناقص، فلا بد من دوام متابعتها حتى يظلَّ على علم بها أي حتى يظل واقفاً على محطة القطار التي يمر عنها القطار فعلاً، لذلك لا بد من دوام تتبع الأخبار بشكل لازم ومتتابع، بحيث لا يفوته خبرٌ سواء أكان مهماً أو تافهاً، بل يجب أن يتحمل عناء البحث في كومة تبن من أجل حبة قمح وقد لا يجدها، لأنه لا يعرف متى يأتي الخبر المهم ومتى لا يأتي، من أجل ذلك لا بد من أن يظل على تتبُّعٍ للأخبار كلها سواء التي تهمه والتي لا تهمه، لأنها حلقات مرتبطة بعضها ببعض، فإذا ضاعت حلقة فُكَّت السلسلةُ، وصَعُب عليه معرفة الأمر، بل قد يفهم الأمر خطأً ويربط الواقع بخبر أو بفكر انتهى وذهب ولم يعد قائماً، ولهذا لا بد من تتبع الأخبار بشكل متتابع حتى يتسنى فهمُ السياسة.
3:- وأما اختيار الأخبار فإنما يحصل بأخذها لا بمجرد سماعها، فهو لا يأخذ إلا الخبرَ الهامَّ , فهو إذا سمع أن رئيس وزراء فرنسا سافر إلى لندن فإنه يسمعه ويأخذه, ولكنه إذا سمع أن مستشار ألمانيا اجتمع بالأمين العام لهيئة الأمم فإنه يسمعه ولا يأخذه, إذ يجب أن يميز بين ما يَأْخُذ ومالا يأخذ , وإن كان يسمع الأخبار كلها ,لأن الأخذ إنما يكون للأخبار التي مِنْ أخْذِها فائدةٌ يأخُذُها ولا يكون لغيرها, ولو كانت قد تُشَكِّل معلوماتٍ، وهذا هو التتبع للأخذ لا لمجرد السماع.
والسياسة بمعناها المحلي كرعاية شؤون الأمة وشؤون الدولة، وإن كانت هامة ولكنها لا يصح أن تكون محلَّ الاهتمام، ولا يصح الاقتصارُ عليها لأن جعلَها محلَّ الاهتمام، يعني الأنانيةَ والعمل للذات، وكونه يضر في إيجاد الصراع الداخلي بين السياسيين ثم بين أفراد الأمة أو فئات منها، وفي هذا ضرر على الدولة وعلى الأمة ولأن الاقتصار عليها فوق كونه لا يجعل المرء يدرك السياسة، فإن فيه غفلةً عن شئون الأمة، والسياسي لا بد أن يرعى شؤون أمته حتى يكون سياسياً، وهذا لا يتأتى إلا بالاهتمام بشئون الأمم الأخرى والدول الأخرى، فعلاقة السياسة الدولية والسياسة الخارجية بالسياسة علاقةُ جزءٍ من كُلٍّ بل الجزءُ الجوهري الذي يُكَوِّنها.
والسياسة الخارجية والسياسة الدولية التي يجب الاهتمام بها هي سياسةُ الأمم المؤثرة لا جميعَ الأمم وسياسةُ الدول المؤثرة لا جميع الدول، لا سيما فيما له علاقة بأمته أو دولته أو العقيدة التي تقوم عليها الدولة, ومن هنا كانت السياسة الخارجية والسياسة الدولية إنما تعني سياسةَ الأمم المؤثرة والدول المؤثرة لا سيما المؤثرة على سياسة أمته ودولته, سواء أكان هذا التأثير قريباً أو بعيداً, فمثلاً: أن يعرف انقلاباً حصل في هايتي ليس مُهمّاً أن يعرفَه, ولكن انقلاباً حصل في البرازيل من الضروري أن يعرفه, لأن الأول لا يؤثر في الوضع الدولي ولا تأثيرَ له على أمته أو دولته.
يجب على الأمة الإسلامية أن تعرف أن الدول غير الإسلامية عدوة لها وتتربص بها الشرَّ بشكل دائم, وأن جميع الدول عدوة للدولة الإسلامية وتتربص بها الدوائر, وتشتغل بالمؤامرات والتحضيرات لإضعاف الدولة الإسلامية ولقهرها والقضاء عليها,
ولذلك يجب أن تكون الأمة كلها لا سيما السياسيين مشغولةً باتقاء الخطر الخارجي أي أن تظل مشغولةً في السياسة الخارجية والسياسة الدولية بالمعرفة والتتبع وإبصار مواطن الخطر.
على أن الدولة الإسلامية لا تعني أنها الحكام بل هي الأمة التي تحت سلطان الخلافة فعلاً, فالأمة كلها هي الدولة، والدول الكافرة تعرف ذلك وتعمل على أساسه, وما دامت الأمة مدركةً أنها هي الدولة فإنها تظل متتبعةً لأخبار وأحوال الدول الأخرى والشعوب والأمم الأخرى حتى تظل على وعي على أعدائها وحتى تظل في استنفار فعلي ضد جميع الأعداء, ولهذا يجب أن تظل أخبارُ السياسة الخارجية شائعةً في الأمة كلِّها مُدرَكة من الناس بشكل عام وأن يكون هَمُّ السياسيين والمفكرين إطلاعَ الناس على السياسة الخارجية, حتى إن الناس حين يوكلون عنهم نواباً في مجلس الأمة للمحاسبة والشورى إنما يختارون على أساس السياسة الخارجية والسياسة الدولية لأن هذا هو الذي يجب أن يكون لدى وُكَلائها في مجلس الأمة, أما السياسيون والمفكرون بشكل عام فإن معرفة السياسة الخارجية والسياسة الدولية لا بد أن تكون هي الطاغيةَ على أعمال السياسيين وأفكارِهم, وهي الموجودةَ بشكل بارز لدى المفكرين وفي تفكيرهم وأفكارهم, لأن المسلم إنما وُجِد من أجل الإسلام, وإنما وجد من أجل الدعوة الإسلامية, وإنما يعيش من أجل هذا الدين في حمايته ونشر دعوته، وإذا كان الجهاد هو ذِروَةَ سنام الإسلام فإن حمل الدعوة الإسلامية هي الغاية التي من أجلها يكون الجهاد, وهذا يستوجب معرفة السياسة الخارجية والسياسة الدولية, على أنه بغض النظر عن هذا فإن الدولة التي تطمع أن يكون لها تأثيرٌ ما وأن تتمتع بالنفوذ والمجد تجعل السياسة الخارجية وسيلة لتثبيت مركزها في الداخل والخارج, وإذا كان هذا هو الواقع فإن على السياسيين والمفكرين أن يحيطوا بالسياسة الخارجية والسياسة الدولية سواء أكانوا في الحكم أو خارج الحكم لأن هذا هو الذي يجعلهم سياسيين أي راعين لشئون أمتهم لأن الشئون العليا للأمة إنما تتمركز في السياسة الخارجية والسياسة الدولية, ومن هنا كان واجب الأحزاب السياسية كلها والسياسيين عموماً ورجال الفكر والعلم أن تكون السياسة الخارجية والسياسة الدولية أهمَّ ما يشتغلون به.
وإذا كان لا بد من معرفة السياسة الخارجية والسياسة الدولية لا سيما للسياسيين والمفكرين والعلماء فإنه لا يصح الاقتصار على معرفة القواعد العامة والخطوط العريضة أي لا يصح الاقتصار على الإجمال والنتائج, فإن هذه إذا جرى الاقتصار عليها وإن كان مفيداً ولكنه لا يكفي لإدراك الخطر ولا لمعرفة كيفية الاتقاء ولا لفهم الحوادث والوقائع : النوايا والأهداف, بل لا بد من معرفة التفاصيل والأعمال والحوادث ثم تحليلها والوقوف على النوايا والأهداف. والعدو حتى تَعرِفَ نواياه تجاه الدولة والأمة, لا بد من أن تعرف كلامَه أوّلاً ووضع هذا الكلام, وثانيها تصرفاته والظروف التي جرت فيها هذه التصرفات, وثالثاً علاقاته ووضع هذه العلاقات, ومن غير معرفة هذه الثلاث لا يمكن الاطلاع على نوايا العدو, وهذه الثلاث تحتاج معرفَتُها إلى معرفة التفاصيل, فالكلام لا بد من معرفة تفاصيله وتتبعها حتى تُدرَك الأوضاعُ التي قيل فيها هذا الكلام وكذلك التصرفات والعلاقات, وهذا يحتم معرفة التفاصيل.
وربما تُجرِي بعضُ الدول الكبرى سياسَتَها الخارجية أو سياستها الدولية عن طريق العملاء حتى في أحلك الظروف وعند أعقد المشاكل السياسية الدولية.
فما لم تُعرَف التفاصيلُ فإنه لا تكون السياسةُ قد عُرِفَت ولا صار المرءُ سياسياً وبالطبع لا تُدرَك النوايا والأهداف عند صانعي السياسة.
25 شوال 1427هـ
16/11/2006م
الأحد، 26 أكتوبر 2008
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليق واحد:
إننا ونحن نعيش من غير سياسة، أي من غير راعٍ يسوسنا بأفكار المبدأ وتشريعاته، ومن غير أرضية تُنبِت رجالَ السياسة وتنبت رجل الدولة، إنما نعيش في دائرة مسؤولية غيرِنا، إما لقصورنا، وعندئذ نحتاج إلى أوصياء يرعون شؤوننا، وإما أننا نعيش هملاً على هامش الحياة، لا يُؤبَه بنا ولا نحسب في عداد الأحياء، فترتّب لنا وجبات الطعام كما يُقدَّم العلفُ للدواب وإما أن نُحشر في زاوية يتسلط منها عدوُّنا علينا، ويتمكن من رقابنا ويسومنا سوء العذاب، ويحرص على إفنائنا.
فها نحن وقد تنبهنا لنرى عدونا قد تمكن من رقابنا يسومنا سوء العذاب ويسوقنا كما تساق المواشي، ويقدم لنا وجبات الطعام تقنيناً كما تقدم للدواب. وفي المحصلة النهائية فهو يعمل على إفنائنا.
إننا نشاهد بأم أعيننا ونحس إحساساً لا يخدعنا أن عدونا يعرف كيف يقدم لنا المِنَحَ وكيف يوزعها علينا، كما نحس ونرى كيف يمنعها ويفرض علينا الحصار حتى في غذائنا اليومي، هذه رعايتُه لنا أو وصايته علينا.
وأما كيف يسومنا سوء العذاب، فإننا نرى كيف يُقدِّم العشراتِ منا للذبح كل يوم كما تُقدَّم المواشي للمسالخ حسب الطلب، كما تهدم بيوتُنا فوق رؤوسنا، وتستغيث النساء ويصرخ الأطفال ولا مُغيثَ، وضعونا في حظائر ووضعوا علينا نواطير، أي رتبوا علينا حراساً في أنظمة بحدود هم حددوها، لنا فالتصقنا بتراب الوطن والتزمنا بحدود الوطن، ثم جمعونا فيما يسمى (جامعة الدول العربية) زيادةً في النكاية وتكريساً للوصاية.
لقد أخلص هؤلاء الحكام في حراستهم، ومع كل ما جرى ويجري لنا فإننا نهتف لهم ونصفق لهم، ونخلص لهم في الطاعة، وندعو لهم بطول العمر، ونحرص على تمديد وتجديد وظيفتهم وحاكمتيهم، هكذا نعيش في دائرة مسؤولية غيرنا، مسؤوليةِ عدونا، لأننا نعيش من غير سياسة.
إذن ما شأن السياسة؟
السياسة وهي رعاية الشؤون، تعني المسؤولية عن الآخرين. وتأتي هذه المسؤولية، في قمة ما تأتي، من النظرة إلى هذا الإنسان، ما هو وما وجوده في هذه الحياة الدنيا وما مصيره بعد هذه الحياة، فالاهتداء إلى حل هذه العقدة الحلَّ الصحيح المبنيَّ على اليقين والقناعة العقلية يتكون له مبدأ له فكرة صحيحة وطريقة صحيحة، تُبيِّن له الفكرةُ أفكارَ الرعاية ومفاهيم السلوك، وتبين له الطريقةُ كيفيةَ تنفيذها وحمايتها والعمل على نشرها، أي توصيلها للناس لإخراجهم من الظلمات إلى النور، يعبدون إلهاً واحداً ويسلكون منهجاً واحداً، ويعيشون في مجتمع متميز تُرعَى فيه شئونُهم وتُقضَى مصالحهم ويُوفر لهم الطمأنينة والأمان.
تبدأ الرعاية من رأس الهرم، أي تبدأ المسؤولية من المسؤول الأعلى وهو الإمام أو الخليفة، وهو الذي يناط به رعايةُ الشئون فيسوس الرعية سياسةً عادلة ويحسن تطبيق هذه الرعاية وسياسة الرعية، فيطبق النظامَ العادل المنبثق عن العقيدة وهو نظام الإسلام، ويضع الإستراتيجية التي يمارسها لنشر الإسلام وحمل دعوته إلى الناس جميعاً إلى شعوب الأرض وأمم الأرض الأخرى.
هذا شأن السياسة وهو المسؤولية والرعاية والقيادة.
ما هي مقومات السياسة؟
المسؤولية: يكون هناك مسؤولٌ ومسؤول عنهم، أي يكون هناك راعٍ ويكون هناك رعية، فالراعي يقوم بسياسة الرعية أي يرعى شئونها ويقضي مصالحها ويحافظ عليها، ويحفظ لها حقوقها بإرساء العدل وإحقاق الحقوق، ويوفر لها الأمن والأمان في الداخل ويسهر على حمايتها من العدوان الخارجي.
هذا الراعي هو الخليفة يجب أن يكون على دراية تامة بأحوال الرعية، يُواكِب الأحداث السياسية، والوقائع السياسية ليعالجها، كما يجب عليه معرفةُ حاجة البيوت وحاجة النساء والأطفال في المدن والأرياف، كما يجب عليه أن يكون على سَعَة الاطلاع على أحوال الأعداء الذين يتربصون بأمته الدوائر، ويُبَيِّتُون لرعيته الشرورَ، أي يكون سياسياً من حيث الرعايةُ وتطبيق الأحكام الشرعية وتنفيذها، وسياسياً من حيث المعرفة الواسعة بمكائد الأعداء وتصرفاتهم ومكائدهم ومؤامراتهم، وإن قَصَّر في ذلك أُخِذ على حين غِرَّةٍ وضاعت رعيَّتُه.
والأهم من كل ذلك، أن الأمة التي تعيش على مبدأ صحيح إنما يفرض عليها المبدأُ مسؤوليَّتَها عن غيرها، ويفرض عليها أن تقتعد مركز الصدارة بين دول العالم، كما يفرض عليها المبدأ أن تتسلم زمام القيادة، أي تفرض وجودها في الساحة الدولية بجدارة، وتعتبر نفسَها ويعرف العالم أنها هي المسؤولة عن بقية العالم، تحمل الناس على كاهلها لتخرجهم من الظلمات إلى النور، بتوصيل المبدأ إليهم وتضعهم في دائرة مسؤوليتها لتسوسهم بالمبدأ وترعى شئونهم بأحكامه وتشريعاته، ويصح انطباق قول الله عليهم ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ.....﴾.
ما هو دور الأمة في الحياة السياسية ؟
الأمة ترتقي وتنهض بمبدئها، ورقيُّها ونهضتها تكون بامتلاء الساحة بثقافة المبدأ وتجسيد المبدأ بأفكاره ومفاهيمه في الأمة على العموم, وأبرز ما يكون في أفكار المبدأ ومفاهيمه هو المفاهيم والأفكار السياسية , أي يكون في الأمة حشد من العلماء في كل مناحي الثقافة وعلى رأس هؤلاء حشد من المفكرين السياسيين في ساحة تعج بالعلماء والفقهاء والمخترعين، وعلى أرضية تُنبِت القادةَ السياسيين ورجال الدولة المبدعين، أي تكون الأمةُ في مجموعها أي في التفكير الجماعي عبارةً عن حشود من السياسيين ينطلقون في اهتماماتهم وعملهم السياسي من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) وقوله: كل مسلم على ثغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبله).
وإذا عدنا إلى القاعدة الشرعية وهي: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) يفرض علينا الأخذُ بهذه القاعدة والعملُ بها أن يكون رأس الدولة - الخليفة ومعاونوه ومن هم في سلك التنفيذ والتطبيق - كلهم سياسيين يدركون السياسة الخارجية ويتابعونها، ويسهرون على ما يصدر من الدول العدوة الكافرة من تحركات وتصريحات ومؤامرات، كما تفرض هذه القاعدةُ على الأمة أن تقف أمام هؤلاء الحكام وتحاسبهم عند التقصير ، وتخلص لهم في الطاعة ليستويَ الطرفان الراعي والرعية في الحفاظ على المسئولية ويتم حسنُ الرعاية وحسن التطبيق لتستقر السيادةُ للمبدأ وتتمَّ السيادةُ للشرع والسياسةُ بالشرع.
هذا هو الإسلام السياسي يرقى بالإنسان بسياسته، وينعم المجتمع بسياسته ويعم العدلُ أصقاعَ الأرض وأطراف الدنيا التي وصلها الإسلام بحسن رعايته وسياسته.
فتحي سليم.
إرسال تعليق